المقريزي

الذهب [التبر] المسبوك
في ذكر من حج من الخلفاء والملوك

[تحقيق جمال الدين الشيال. القاهرة، 2000. ص 140-143]

ويقال أإن أول من أسلم منهم ملك اسمه سرمندانه ويقال برمندانه.

ثم حج منسا بن ماري بن جاظة في أيام الظاهر بيبرس، ثم خح ساكبوره، وكان قد تغلب على ملكهم، وفتح بلاد كوكو. ثم حج منسا موسى لما قدم إلى مصر سنة أربع وعشرين وسبعمائة بهدايا جليلة وذهب كثير، فأرسل السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون المهمندار لتلقيه، وركب به إلى القلعة في يوم الخدمة، فامتنع أن يقبل الأرض، وقال للترجمان: أنا مالكي المذهب، ولا أسجد لغير الله. فأعفاه السلطان من ذلك، وقربه وأكرمه، وسأله عن سبب مجيئه، فقال: أرت الحج. فرسم للوزير أن يجهزه بكل ما يحتاج إليه.

ويقال إنه قدم أربعة عشر ألف جارية برسم خدمته خاصة، فأقبل أصحابه على شراء الجواري من الترك والحبوش والمغنيات والثياب، فانحط سعر الدينار الذهب ستة دراهم.

وقدم منسا موسى هديته، وخرج مع الركب بعد ما أوصى به السلطان الأميرسيف الدين إيتمش — أمير الركب — فسار ركباً وحده في ساقه الحاج حتى قضى حجه.

وـأخر بمكة بعد الموسم أياماً وعاد، فهلك كثير من أصحابه وجماله بالبرد حتى لم يصل معه إلا نحو الثلث منهم، فاحتاج إلى قرض مال كثير من التحار، واشترى عدة كتب من فقه المالكية، وأنعم السلطان عليه بخيول وجمال.

وسافر إلى بلاده بعد ما تصدق في الحرمين بمال كثير، وكان إذا حدث أصحابه في أمر كشفوا رؤوسهم عند مخاطبته — عادة لهم.